Scroll to top

جودت فخر الدين

أود اليوم و بعد أشهر على غيابه، أن أتكلم على جانب من علاقتي الشخصية بصديقي عصام العبدالله، الذي بتّ أفتقده كثيرا ، خصوصا هنا في مجلس الروضة.
كنا نتفق و نختلف كأخوين.
وبالأخص في المسائل المتعلقة باهتماماتنا المشتركة ، و تحديدا في مسائل الشعر ، أو الأدب عموما.
كثيرا ما كنا نختلف.
وكنا نتقبّل اختلافنا كما نتقبل اتفاقنا .
كان يحبّ أن يستع إليّ ، كما كنت أحبّ ان أستمع اليه.
هكذا كنا نتبادل الآراء على نحو من الأخوة و التناغم، و إن بلغ هذا النحو أحيانا درجة من التوتر أو الحدة.
فالعصبية التي ربما اعترت الواحد منا لم تكن ثورتنا سوى المزيد من التناغم و التقارب .
ربما، بسبب مما تقدّم، كانت الصداقة التي جمعتنا قوية و عميقة ، لأنها لم تقم على المجاملة ، بل قامت على قدر كبير من المصارحة.
كأننا كنا نختبر معنى الصداقة يوما بعد يوم ، هنا في مجلس المقهى كأننا كنا نحتفل بمفهومها المتجدد يوما بعد يوم.
كنا نقيم حيالها حوارا دائما ، هو خفيّ أو مضمر في الغالب، و يظهر بمظاهر شتّى من التحادث، الذي دأب عصام على تقديره فنّا من الفنون ، و على ممارسته عادة يومية.
كان الغموض يلفّنا و نحن نبحث عن الوضوح في كل شيء.
نبحث عما هو واضح ، و نبتهج بما هو غامض.
نتعارف كلّ حين، و يعصى علينا التعارف. يعرف الواحد منّا الآخر و يخفى عليه. نتفق كثيرا، و نختلف كثيرا، هكذا دائما ، تماما كما يحصل بين أخوين