Scroll to top

احمد هاتف

غياب الحكوجي في البياض

لا أحد يرش الماء خلفك حين يعلن هذا ” الوقح ” انه سيضمك الى رمادي اكوانه .. هو فقط ” يمسح ما تبقى من الحكاية عن زجاج الغد ” ويكتب ” توقا لايشبه التوق لأن باب الرجاءات هنا مغلقة ” ..
اقف الآن أمام المفردة ” غياب ” كأني اخبئ القلب بحرش شوكي في عاصف ريح .. كم تبدو المفردة حادة ومسننة .. جارحة كما صمت ميت لسؤال يلح ..
غد بارد وامس حافل .. ولاشيء سوى باب مطر يقف صامتا خارج زجاج المقهى .. يتأمل كرسيا لايتلون .. لاشيء سوى ” خلص الحكي ” ارصفة ستنتظر طويلا خطوة صلدة لشاعر لايمر لأن ارملة الغيمة فكرت بإنجاب مطر فسرقته الريح من سريره .. لتقر به عصافير السموات الزرق .. وحدائقها الفضية اللينة ..
( الخرز ال متل نسوان
يتخبا
جاي العقيق معتق وحليان
من كتر مَ تربّى )
لكن هل ستدون الريح قصائده ! .. هل سيكتب القمر ضحكته الهائجة كرائحة عرق بلدي .. هل ستوقظه نجمة في صباح الجمعة لتصحبه لحوار وثرثرات وسجال وضحكة .. هذا الذي يطل على النهار من شبابيك الصحف والكتب وبن فيروز في غنج الفنجان .. كيف سيقود حدائق الكلمة في الهناك ! كيف سيحمل عصاته الخضراء حالما بأن ينجو من ( السلف الصالح للقصيدة ) .. ليكتب حريته دون ان تتمزق ثيابه وهو يحاول المرور الى فرادته .
غاب هذا ” الحكوجي ” سليل المفتي وساحات الضيعة الذي كان ” يربي الوقت مع رفقاته في المقاهي ” هذا ال ( حول المقهى الى ساحة ضيعه ) واطلق ضحكته اليانعة خارج احكام الذوق العام .. هذا ” المكسور الخاطر ” لأن المتنبي لم يشاركه فنجان البن .. ولأن الرحابنة اقلعوا قبله الى سماء الفراديس ..
مضى عصام العبد الله الى ماكان يحلم به ” البياض الكامل ” ..ذهب مسرعا خوفا من ان يذبل كما قبائل قصيدته
( شايف قبايل نطروها بالشمس .. ذبلت )
مضى حاملا الشعر لأنه كما يعتقد ” خشبة الخلاص الوحيدة .. ” الحرية هي اعتناق العصا الخضراء .. صقلها بمهل نجار عجوز تخريمها وشطفها بالكتب والبراري والايام .. لتكون جاهزة للسفر الأخير ..الرحيل بكرامة .. ذاك هو حلم الشعراء
” يا وجود كريم يا بلا ” هكذا كان يضحك بوجه الذل ويجلجل صوته مشاغبا الفذلكة والعناوين الفارغة .. واخشاب الشعر الزائدة .. انه لم يرحل .. أدرك تماما ان عصام العبد الله لم يفعلها .. هو فقط لبس ” البياض الكامل ” حتى صار لامرئيا
لذا لن استغرب ان سمعنا صوته يوقظ جملة من عثراته .. ويعنف قصيدة لان كعبها العالي لايليق بالفقر .. ولن استغرب ان جاءت الجمعة لتضع فنجانه امامنا ” بالضحكة السادة ” وبالنزاع البلاغي .. وبالسخرية من جملة عبثية قفزت بغتة الى فم سياسي … لا توقظوا عصام العبد الله .. هو يتأمل افق الحكي ليسقي اعوجاج الزمن ب مطر الشعر ….
” بحبك مثل نزل الشتي عليي “
يا للغياب … أيها الغد لاتتحدث بصوت عال ان عصام سيأتي .