Scroll to top

محمد زرقط

وانتظم “سطر النمل” .. تركه لنا عصام العبد الله “محطة كلام” ورحل
.
…………… في جنان الله يا صديقي وفي وجدان من يبقى …………….
.
رحمك الله يا استاذا علمني النضال وادخلني محراب الصحافة .. وكان نعم المكفكف دمعا والكبير عند الملمات
هذا في الخاص الخاص كما عرفت الراحل الكبير الاستاذ الجدير والشاعر الكبير عصام العبد الله
.
واما في العام فقد رحل الشاعر الذي بكى له الحرف تحية .. رحل التجديد في بيان الشعر العربي صاحب نظرية المحكية الفصحى .. ومبدع لوحة وصاحب امتياز سطر النمل ..
.
في ذات ليلة لذات يوم من العام 1969 وكان العمل الفدائي في عز مجده واكثر، جاءتني دعوة من بعض اصحاب لحضور ندوة فكرية يحاضر فيها احد اعمدة حزب معروف كانوا يعدونه كمشروع نائب عن النبطية..
.
مرغما ذهبت مراعاة لخاطر من دعاني واعتبرت الساعتين او الثلاث التي ساضطر فيها لسماع كلام ممجوج عن الحل السلمي والنضال الديموقراطي وتغيير الانظمة بطريقة عد هفوات الحكام بمثابة وقت ضائع وهرطقة سياسية لا فائدة منها .
وشرع المحاضر يصول ويجول بمنطق “التعفيس” وهو اصلا لا صوت له ليخطب ولا منطق خطابيا له ليجذب انتباه الجمهور … ومضى الوقت وبدأت المناقشة وارتفعت الايدي طالبة الكلام بالعشرات ورفعت بين من رفعوا ايديهم وكنت ممن انعم الله عليهم فوجدوا كرسيا للجلوس وفوق راسي اي خلفي مباشرة وقفت طوابير وبينهم شاب ضخم الهامة طويل املس الشعر لم اره قبلا .. وكانت يده مرفوعة على الدوام ويبدو مفعما بالحماس ويريد باصرار ان يقول ما عنده ولكن كما ظهر ان القضية كان “مضبطة” من قبل بان لا يعطى حق طرح الاسئلة الا للمناصرين المضمون ولاؤهم ضمن الخط .. وبعد محاولات عديدة وقبيل انصراف المحتشدين المحشورين في هذه القاعة تلقى الشاب اشارة لتقديم مداخلته … وهدر الصوت : اي منطق انهزامي هو هذا ؟ اي نضال ديموقراطي والثورة مشتعلة اوزارها؟.. اي حزب هذا الذي تحاولون ترقيعه .. اسمع يا دكتور .. لو “دلقت” ع المزبلة صهريج كولونيا ما بتروح منها ريحة الزبالة … وكانت “معطة” سياسية هائلة اخرجت المحاضر موليا الادبار علما ان هدرة الصوت اعادت الى القاعة كل الذين خرجوا منها..
غادر الدكتور واصحابه واعتلى الشاب المنصة وكانت محاضرة لا تنسى حول النضال واصوله وسمات المرحلة والسياسات التي تناسبها ..تلك كانت اول مرة اعرف فيها عصام العبدالله..
وكرت السنوات والتقينا عدة مرات وتشاء الصدف ان يكون بيننا اخ مشترك ولا اقول صديقا فقط هو المرحوم عفيف قديح خال زوجتي ومشكى ضيمي وصديقي ومن خلاله بات عصام العبدالله اعز عندي واقرب .. برنامجه الحواري في الاذاعة اللبنانية ” محطة كلام ” كنا نتبعه كمواقيت الصلاة واخبار امسياته الشعرية وكتاباته في الصحف والمجلات واصدارات كتبه والكاسيت موضوع متابعة لا تؤجل.. حتى لكأنه بات فردا من الاسرة الكبيرة .. في العام 1988 صار عصام رئيسي في احدى اشهر المجلات السياسية مجلة “الشراع” .. ادخلني قبله ثم دلف من بعدي .. هو مدير التحرير وانا من طباخي المادة الصحافية اعدادا للنشر وهناك عرفت عصام الكبير المثقف وصاحب الباع الطويل في قضايا الثقافة ومستقبل الفكر والوطن وقضايا الامة..
عشر سنين الا قليلا وعصام انا رفيقه اليومي ويده اليمنى ولي كل الفخر انه كان استاذي. ومن خلاله حزت بطاقة نقابة المحررين من دون نسيان جهود رئيس تحرير الشراع الاستاذ حسن صبرا .. صاحبيْ الفضل في رعايتي في لجة الصحافة المكتوبة بين ازيز الرصاص ودوي المدافع..
رحل عفيف قديح بكاه عصام.. وانا لم ار عصام مرة يبكي قبل ذلك اليوم .. بكيناه صديقا مشتركا وحتى باب الضريح..
يوم السبت الماضي وانا في الجنوب اخبرني من احب من اخوة عصام العزيز عماد بوضع عصام وبوجوده في المستشفى فوعدته بان اكون عنده يوم الاثنين ..
وهذا ما سعيت اليه ولكن ..
بالامس يا عماد كما وعدتك ذهبت الى المستشفى لازوره .. هناك نزلت دمعتي مرة اخرى.. ولم يكن معي من يشاركني او يكفكفها .. بحلقت بي عيون في استعلامات المستشفى.. تعاطفت معي او ربما عرفت سر الدموع ..
البقاء في حياتك يا صديقي .. اخا مشتركا خسرنا عصام ..وصديقا
لروحك ايها الاديب .. ايها الانسان السلام والطمأنينة، سيفتقدك الشعر وستندبك القصائد وقلوب المحبين .. السلام لروحك والهناءة..