Scroll to top

عبد الغني طليس

يَا صاحبي فأَعِدْ لِلْمَزْحِ مَا كانَا
مَنْ نَصَّبُوك على السِّلْوَانِ سُلْطانا
وحَولَهُ اجتمعَ الأصحابُ.. ديوانا
أنّ انقلابَ عمودِ الوقت ما حَانا
ٱسْتقبَالِهِ كلَّ يومٍ.. يَحزنُ الأنَا!
ففي المقاهي عصامٌ يُحْضِرُ الجانا
شِعْراً وَ”دَكْتَرَةً”.. شَكّاً وإيمَانَا
في أنْ يُحِلّ محلّ السيفِ أَغْصَانَا
ولَوْ تعرَّبَ بالأموالِ.. أطْيَانا!
حتى مع الصّمتِ، بَثُّ الصمتِ أَلْحَانَا
خُطىً.. ولا لحظَةٌ تعطيهِ آذانا
عَيْنُ الحَسودِ زرافاتٍ ووِحْدَانَا
أَبَيْتَ أَنْتَ لهُ في العَدِّ نُقْصَانَا
يَمُدُّ فوقُ ٱبتسامٍ مِنْكَ خيطَانَا
لِكُلِّ مَنْ وَلَجَ الممنوعَ، ميزانا
شِئْنَا على مَذْبَحِ التَّشْنيعِ قربانَا
وحيناً ٱلطّقسُ يَغدو من ضَحايانا
وقد نَرى سيِّد الإبداعِ .. قُرْصَانَا
حُبَّاً وَسَبَّاً وإِلْطَافاً وَإِخْشَانَا
مِنْ فَرْطِ حِرْفَتِهَا.. تَحْتَاجُ فَنَّانَا
أصواتُهُ أشْعَرَ الضُّحَّاكَ حِرْمَانا
وربّما كانَ قلبُ الظلِّ عَطشانا!

ٱنتباهِ مَنْ يَقْتَفي للرِّيحِ أوزانَـا
وَظَلَّ مِن صوتِهِ يستلُّ.. مرجـانا
ولا المَعَاني .. سوى ما كان رُبَّانَا
وكالسِّهَامِ إذا رَكّزنَ عنوانا
بِأَسْطُرٍ شَبِعَتْ ضَوْءَاً .. وألْوَانَا
كأَنَّهُ شَارِبٌ بالمَاءِ نيرانَا
يَصطادُ مُستَغربَ الأفكارِ … نَشْوَانَا
وفكرةٌ حَلَّ فيها طيفُ نِرفَـانَا
حَتَّى الثَّمانينَ حَوْلاً.. ظلَّ حَيْرَانَا
هذي الحِجَارَةُ .. حتى الدّمعِ أحيانا

هيَ المساءُ المُدَوِّي.. جاءَ عُرْيَانا
عَصَا كوانينَ تُخْلِي منه نيسَانَا
بحرٌ عَـلاَ كَيْدُهُ… فٱبْتزَّ شُطْآنَا
مِن البنفسجِ فٱعْلَمْ أنّهُ جَانَا
أَهْلاً وَسَهْلاً بهِ في الحيِّ حَيَّانَا
إلاَّ خُرابُ عصامٍ شَاءَ دُوزَانَا؟

ٱنْحَنَى وَشَالَ مواعيداً وَأَعْطَانا
على جبينكَ أَشْوَاكَاً وتيجانَا
يَشِي بِأَنَّ عُلُوَّ المَوجِ أَغْشَانَا
تَمَائِمُ البَحْرِ كِتْمَانَاً وإِعْلانَا
يَومٌ وَيَأْتِي.. كذاكَ الأُفقُ أَنْبَانا
ما خُنْتَهُ في مدى الأيَّامِ أو خَانا
تُحبُّ فيك “مقامَ الصّوتِ” شَيطانا
على الكلامِ وَتُهْدِينَا مَرَايَانَا
رَبٌّ نُصِرُّ لِيَنْسَى .. ليسَ يَنْسَانا
فهل كتابُ عِصامٍ كانَ عِرْفَانَا؟
هل كان أجْمَلَنَا .. أم كانَ أشقانا؟
أَوْ لا ..فيَا رَبُّ عَفْوَاً … كانَ إنسَانَا!

إنْ كنت تَمزحُ، هذا المَزحُ آذانَا
مَا أَنْتَ إِلاَّ عِصامٌ، فٱعْتَصِمْ بِهَوَى
وأنت ديوانُ شِعرٍ، شَعَّ شَاعِرُهُ
قُمْ وٱدْعَسِ المَرضَ الفَتَّاكَ وٱرْوِ لَهُ
وَأَنّ مَنْ ضَحِكَتْ روحُ الأمَاكنِ في
ما كلُّ طَاولةٍ في الأرضِ طاولةٌ
شِيبٌ، شبابُ تملُّوا من فُكَاهَتِهِ
يَبْني صَدَاقتهُ من قلبِ رغبتِهِ
ويَعْرُبُ الشخصَ بالأفعَالِ نَاطِقةً
وعنده أن كلَّ الناسِ يُمكنهُمْ
إلاّ الثقيلُ فلاَ أرضٌ تُطيقُ لهُ
قُم يا عصامُ إلينَا قبل تُهْلِكُنَا
فنحنُ جَمْعٌ إذا ما غابَ واحِدُنَـا
كلٌّ لَهُ مَوقِعٌ يأتي فيملأُهُ
مُسَلِّمينَ لكَ الميزانَ … تجعلُهُ
وفي الحوارِ حَريقٌ فوقَ رَقْبَةِ مِنْ
وللسِّيَاسَةِ ضَرْبٌ في مَقَاتِلِهَا
لا البَرُّ يُعجبُنَا .. لا البحر يُطربنا
وليسَ يُحْكَى سوى المُختارِ من كَلمٍ
وثَرثراتٌ كَأَنَّ الجِدَّ دُسَّ بها
ومَا عَلِمْنَا بِضحْكٍ .. كُلَّمَا ٱرتفعتْ
تأوي القلوبُ إِلى ما تستظلُّ بهِ

يَا مَنْ يُراقِصُ أحوالَ الطبيعةِ في
وشِعْرُهُ ظَلَّ يَسْتَعْدي قوالِبهُ
لا جُملَةٌ رَدَّدَتْهَا الكُتْبُ يَقْبَلُهَا
كالعينِ تَلْتَقِطُ الأشياءَ طَائِرَة
وليس يرضى بِشِعْرٍ غيرِ مُزْدَحِمٍ
طويلُ بالٍ، قصيرُ البالِ، مُصْطَخِبٌ
أنَّى أَتَيتَ إلَيْهِ فَهْو مُنْهَمكٌ
فَفكرةٌ وَقْعُهَا مِنْ واقعٍ تَلِفٍ
هَلْ ٱرتَوى فَرَحَاً بالعُمْرِ، أَمْ تَرَحَاً؟
وخَلْفَ عيْنَيهِ لا تَدري مَتى جُبِلَتْ

وكيفَ صارت يداهُ مثل خَارطةٍ
ووجههُ ضَربَتْهُ الرِّيحُ فٱنْحَفَرَتْ
وَمرَّتِ السنواتُ الغاضِبَاتُ كما
.. هذا عِصامٌ فَإنْ صَادَفْتَ رَائحةً
وإِنْ رَأَيْتَ سنونو في فضائكَ قُلْ
وَإِنْ سَمِعْتَ بدوزانِ الخَرَابِ فَمَنْ

عُنْقُ الفُكَاهَةِ مكسورٌ، وَحَارِسُهُ
يَا مَنْ مَلَكْتَ مَحَبَّاتٍ حمَلْتَ بِهَـا
قُمْ يَا عِصامُ ففي حالِ الرعِيّةِ ما
وفوقَ كُرْسِيَّكَ المجروحِ ما هَدَأَتْ
وَذاكَ فنجانُكَ ٱسْتفْتَى فقيلَ لهُ
مَا زِلْتَ تَنْقُشُ “سَطرَ النملِ” مُتّئِدَاً
و”قَهوةً مُرَّةً” تسقيكَ ساحِرَةٌ
كمْ كنتَ تفتحُ عن حُبٍّ شَهِيّتنا
فخُذْ إِليكَ صلاةً سوفَ يَسْمَعُهَا
لِلْعاَلمِينَ كتابٌ في يَمينهِمِ
وعندَ كَشْفِ الرِّوَاياتِ التي سَلَفَتْ
إِنْ كان مثل مَلاكٍ .. عَـزَّ مِنْ نبأٍ