Scroll to top

حسن علي نعيم عبدالله

وقد جاء منك الصوت أوضح بالصدى
وأعذبَ في سمع الحقول خريرا
ترجّلت بدرا مذ دنا من خسوفه
إليه بآهات القلوب أُشيرا
وخلف مرايا الغيمِ والغيث كلّما
توارى، تجلّى هيبةً وحضورا
وما إن خبا حتّى استفاض بهاؤه
فيا لك بدراً بالخسوف أُنيرا
ألا إنّ دنيا فُتَّها ومحمّداً
وربّي، لقد ضاقت عَليَّ كثيرا
عليك أرى بيروت تَلبسُ ليلَها
حداداً، وتخلعُه السماء حبورا
وينضمُّ زيتون الخيام لِنخْلِها
كسيراً يواسي في المصابِ كسيرا
فيأنسُ في كأس اللقاء محمّدٌ
وأشربُه كأساً عليك مريرا
بشعري أنا أبكي بك اليوم شاعراً
ترجّل عن عرش الكلام أمير
وبالدمع أبكي فيك أغلى أحبَّتي
فأنت عصامٌ أوّلاً وأخيرا

ترجّلت عن عرش الكلام أميرا
لما غَزَلَت يمناك منه حريرا
وصاغت حلّى من خامِه وقلائداً
ومن شوكه الدامي ندى وزهورا
وقد كنتَ ممّن يُستطابُ أذانُهم
اذا ما علا أرضاً ألان صخورا
فكم في ظلام الشعر الّقتَ أنجماً
وأطلقتَها نحو الصباح طيورا
لتبرح ذاك المنبر الحرّ ظافراً
بمجدٍ من المَحكيِّ قلّ نظيرا
ترجّلت عن بيروت نورس بحرها
فتاها الذي بالأمس طاب هديرا
يطوف على أكتافها مثخَن الحشا
يزلزل ساحاتٍ، يهز شعورا
ليسقط عن أكتافها فوق كفِّها
فتغمرُه صوتاً لها وضميرا
ترجّلت منّا، من خيامك فِلذةً
ومرجاً على مرج العيون نضيرا
ولمّا خريف العمر والعام بادرا
رياحينه بالريح زاد عبيرا
فطبتَ عراءً وارفَ الضوء ظلُّه
وماء يراعٍ في العراء نميرا