Scroll to top

التخطيط المضاد

يجمع اللبنانيون على ان الحرب الممتدة الى ما شاء الله. ما هي الا نتيجة مؤامرة محبوكة ومدروسة ومخطط لها بعناية بالغة. ويجمعون على ان المخطط المشار اليه، لا يخرم “وأن الخططين على مستوى من العبقرية لافت ومميز. ويجمع اللبنانيون أيضاً. من جهة ثانية. على ان التصدي لذلك المخطط الجهنمي. يتم بالفوضى مضاد تتم الغلبة للتخطيط بالفوضى وليس بتخطيط مضاد تتم الغلبة للتخطيط وتظل الحرب مشتعلة كان ينفخ فيها ساحر مقتدر.
لذلك صار ضرورياً ان يرتفع صوت، لا ينادي بضرورة التخطيط فقط كما هي العادة، بل ويخطط أيضاً ويرسم ملامح المواجهة الضرورية.
وإذا كانت الحرب تهدف فيما تهدف اليه قتل المدينة وناسها مقدمة لقتل الوطن والمواطن. فلماذا لا نقترح مخططا يجنبنا هذه الكارثة التي اقتربت من الوصول الى أهدافها.
المخطط المضاد بسيط، ويستغرب المواطن كيف ان السلطات المختصة من شرعية كلاسيكية او شرعية محدثة، لم تنتبه اليه. هذا المخطط هندسي سهل ومكلف قليلا ربما، ولكنه يظل الحل الوحيد لمواجهة مخطط المؤامرة.
يعتمد المخطط المقترح البناية كوحدة سكنية واجتماعية. ويحاول ان تكون البناية هندسياً جواباً على الحرب التي صار من الضروري ان تترك بصماتها على العمران. فلماذا لا يعدل قانون الباء القديم الذي انتبه سابقاً الى مسألة الحروب فأوجب ملجأ البناية. ولكن الملجأ لم يعد يكفي كجواب. لذلك صار محتماً التفتيش على حل آخر.
لماذا لا يعدل قانون البناء فيوجبان تشاد البنايات على قاعدة متحركة بدواليب. ولماذا لا يحل المحرك الذي يسخن الماء الى محرك دفع كما هي حال سيارات والقطارات وحاملات الطائرات. ويكون بواب البناية سائقاً متمرساً. ما ان تشتعل المدينة هنا او هناك. حتى يسرع البواب ويدق جرس الإنذار. فيربط السكان أولادهم وأجسادهم بالأحزمة. يشدونها شدا. ثم “يقلع” البواب بالبناية الى مكان بعيد عن منطقة الاشتباكات حتى إذا هدأت عاد الى مربط الأول.
ماذا يحصل لو اعتمد مجلس النواب الموقر قانوناً جديداً للبناء ونفذته بدقة بلدية بيروت الممتازة في هذه الحال. يوفر المشروع على سكان البناية جنازات عديدة، ويوفر لهم نوماً هادئاً وسفراً سعيداً ورحلات يومية مجانية.
إلى أين يقود البواب البناية؟ يقودها الى أي منطقة آمنة بعيدة عن مكان الاشتباك. وإذا دبكت في المدينة برمتها؟ يتجه السائق صوب البحر. يصير من الضروري في هذه الحالة ان تكون البناية “بر-مائية” تسير على دواليب او تعوم على ماء كثيف. تتجه البنايات جميعها صوب البحر فيحقق المخطط المقترح أكثر من هدف في هندسة واحدة.
أولاً، تقل الحاجة الى استعمال السيارات طالما ان غرف النوم تسير، وهذا يوفر على المواطن كثيراً من هموم الانتقال وصعوبة المواصلات.
ثانياً، يصير للمدينة أكثر من مكان واحد للإقامة فيصعب على المؤامرة اعتقالها او اعدامها.
ثالثاً، تعود المدينة مختلطة من طوائف ومذاهب عديدة بينما المؤامرة تحاول توزيعها او تقسيمها فتتوحد من جديد، في هربها وإقامتها على ماء رجراج.
رابعاً، في مغادرتها لإقامتها الأولى، لا تعود المدينة وبناياتها متاريس يختبئ وراءها المتقاتلون. ينكشفون عراة تحت بدر الربيع وتدور الحرب واضحة. إذ ذاك لا بد من منتصر ومهزوم والأرجح ان تنتهي الحرب بمهزومين بينما تنتصر المدينة وحدها.
وماذا لو دبكت في البحر. ماذا تفعل المدينة المغامرة؟ تقول الهندسة بأن تركيب الأجنحة للبنايات أمر ممكن. عند ذلك تطير المدينة الى الجنة او الى جهنم او الى فلك يغادر هو الآخر هرباً من حرب قد نسمع عنها قريباً.