Scroll to top

إلى ممدوح عدوان

في رثاء ممدوح عدوان

لم أكن أظن أن كأسه تفرغ. لم أكن أظن أن ضحكته تنوص. لم أكن أظن أن قلمه وحبره وأوراقه ستصير سكوناً. كأنها ثياب للماضي وللرجل الذي لم يهدأ يوماً إلا ليقفر من جديد.
وكانت بيروت تمسح على تعبه وتداوي جسده المنهك. وكنا ننتظره ليأتي للعلاج وليأتي للشعر وللأصدقاء يلتفون حوله ويرفعون نخبه ويخبؤون ضحكتهم في صدورهم ليسمعوها فيما بعد.
لم اصدق ولم يصدق هو ان المرض قادر عليه. الشجاع كأنه المتهور والكريم كأنه أهلك والموهوب كأنه حارس الذكاء النبيل.
المجتهد الصبور المنصرف الى الكتابة كأنها تقسه الوحيد. كأنه يقطر من أصابعه أو يسيل.
كنا نودعه بسرعة لأنه سيعود موحشٌ كرسيه الفارغ، موحشُ كأسه الفارغ وموحشة تلك الصفحات البيضاء التي تنتظر عبثاً بريق حبره الرائع.